الحراك الإخباري - ليس كافيا يا فرنسا
إعلان
إعلان

ليس كافيا يا فرنسا

منذ شهر|الأخبار


كما كان منتظرا تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية اليوم الخميس اقتراح قرار "يندد بالقمع الدامي والقاتل في حق الجزائريين، تحت سلطة مدير الشرطة موريس بابون في 17 أكتوبر 1961" في باريس الذي قتل فيه بين ثلاثين وأكثر من 200 متظاهر سلمي بحسب مؤرخين فرنسيين. لكنه ليس كافيا أبدا.

في التفاصيل القادمة من باريس أيد 67 نائبا اقتراح القرار وعارضه 11 نائب من صفوف التجمع الوطني اليميني المتطرف المعروف بعداءه للحزائر لكن النص في النهاية "تمنى" فقط "إدراج يوم لإحياء ذكرى (هذه المجزرة)" في "جدول الأيام الوطنية والمراسم الرسمية".

ومع أن مقدمي مقترح القرار وهما من "الخضر" و"الأغلبية الرئاسية" رحبوا بالتصويت التاريخي إلا أنهم لم يخفوا أن المسار القانوني لا يزال طويلا للاعتراف بهذه الجريمة الاستعمارية كجريمة دولة وتحديد المسؤوليات صونا لذاكرة الضحايا والأجيال الجديدة.

وبالرغم من التصويت الذي يبدو كاسحا فأن الجدل السياسي الفرنسي أسقط الذكرى عمدا من رزنامة الأيام الوطنية والرسمية الفرنسية كما أجهض قسرا عبارة "جريمة الدولة" وتطلب الأمر أياما وربما أسابيع للوصول إلى نص يبدو مقبولا للفرنسيين لكنه بعيدا جدا عما ينتظره الجزائريون في الضفة الأخرى.

وبفارق 29 شهرا ما الذي أحرزته اليوم الجمعية الوطنية الفرنسية وهي تكرر الاعتراف الذي أدلى به الرئيس إيمانويل ماكرون حيث قال في أكتوبر 2021 بأن الجرائم التي ارتكبت في 17 أكتوبر 1961 تحت سلطة موريس بابون لا تغتفر بالنسبة للجمهورية.

وبفارق 12 سنة ما الذي أضافته اليوم نفس اللائحة وهي تجتر ما قاله الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند عندما حيا ذات 2021 ذكرى ضحايا القمع الدامي الذي تعرض له متظاهرون من أجل الحق في الاستقلال.

وبلغة الانصاف، يتم التركيز في باريس على عبارة "تحت سلطة موريس بابون" لنفي مسؤولية الدولة التي سخرت الحافلات وفتحت صالات الرياضة لاعتقال آلاف الجزائريين خارج القانون ثم ترحيلهم عنوة إلى الجزائر.

وبشيء من مفردتي "الدامي" و"القاتل" يتم تجميل الماضي الاستعماري لفرنسا التي أقرت حظرا تمييزيا وعنصريا ضد الجزائريين ثم ضربتهم وسحلتهم وقتلتهم وألقت بهم إلى السين تقتات من أجسامهم الحرة أسماكه لإخفاء الجريمة البشعة التي لا تزال إلى الآن حبيسة الأرشيف وصعوبة الفهم عند ساسة الإليزيه وماتينيون والكي دورسيه وقصري لكسمبورغ وفارساي.

فهل ستنجو ما يسميها ماكرون بخطوات التهدئة من مقص اليمين المتطرف ومن مخالب الدولة العميقة ومن دهاليز العقلية الكولونيالية المتجذرة في العقل الفرنسي الذي يبدو منفتحا، وهو يخفي غير ذلك في معظم الأحيان.

لطفي فراج

تاريخ Mar 28, 2024