الحراك الإخباري - كتاب "الجزائر.. البحث عن التغيّر المفقود".. عوائق التغيير والأمراض الإجتماعية
إعلان
إعلان

كتاب "الجزائر.. البحث عن التغيّر المفقود".. عوائق التغيير والأمراض الإجتماعية

منذ 4 سنوات|قراءة في كتاب


قدم مؤخرا الكاتب والجامعي بومدين بلكبير كتابا جديدا "الجزائر البحث عن التغير المفقود" عن منشورات الوطن اليوم.
صاحب الكتاب ينطلق من سؤال جوهري مفاده، هل حقا الوضع جيد، وكل شيء سليم، ويسير كما يجب أن يكون (وفق المعايير الصحيحة)؟ أم أن هناك أزمة عميقة تترجمها المخاوف الكبيرة من إمكانية انتقال عدوى الاحتجاجات إلى بعض الدول، خاصة وأن حراك الجزائر عرف كحالة استثنائية، ليس في العالم العربي وحسب، بل على المستوى الدولي، ومبرر السؤال الذي يطرحه الباحث نابع من الطريقة التي تعاملت بها الدول الكبرى مع الحركات التي عرفها الوطن العربي وليس الجزائر فقط، لأن الكتاب يصدر كما قال صاحبه في ظرف خاص حيث "جزء كبير من العالم العربي يعيش في مرحلة استثنائية أشبه بالمخاض العسير الذي يسبق ميلاد زمن جديد مليء بنسائم التغيير وبتجسيد أحلام الحرية والكرامة، في المقابل هناك عادة سيئة تتصف بها (على العموم) أغلب الأنظمة الحاكمة في المنطقة، فعند عجز تلك الأنظمة عن التحكم في الأوضاع (السياسية والإجتماعية والإقتصادية) السائدة في بلدانها وفشلها في السيطرة على كل صغيرة وكبيرة، تُعلق ذلك الإخفاق مباشرة على مشجب نظرية المؤامرة دون التريث والتحليل المنطقي للأمور والأحداث، وهذا الهروب إلى الأمام يعكس نفسية الذهنيات العربية ويترجم درجة الميل إلى عدم تحمل المسؤولية وتبعية التصرفات والسلوكيات الخاطئة."
لكن بومدين بلكبير لا يؤمن بنظرية المؤامرة ويؤكد أن "الدول الغربية لا دخل لها في التأثير على انطلاق شرارة الأحداث وحراك الثورات الشعبية المنادية بالتغيير الديمقراطي وتحسين الأوضاع المعيشية في المنطقة، بدليل تفاجئها وصدمتها وعدم انتظارها لما حدث، خاصة وأن لها تحالفات إستراتيجية مع هذه الأنظمة المستبدة. لكن هذا لا ينفي محاولة هذه القوى الأجنبية استغلال هذه الأحداث وسعيها إلى استثمارها وتوظيفها لخدمة أهدافها في المنطقة."
وهذا في نظر هو ما عجل بفكرة فتح نقاش وطني حول الإصلاحات العميقة التي سرعان ما تم التراجع عنها لصالح فكرة التغيير من خلال الاستمرارية، والتي تعني بقاء نفس الأفراد والوجوه القديمة الذين يُتهمون بأنهم أحد الأسباب المحورية في الفشل والتردي.
الكتاب يبحث في السباب التي تجعل من المناخ اليوم غير مساعد بعد وغير مهيأ للتغيير
وما هي أهم الكوابح والمعيقات التي تقف في وجه صيرورة التغيير؟ الكتاب لا يقدم إجابات بقدر ما يطرح الأسئلة ويعمل الفكر من خلال السعي إلى تلمس الإشكاليات .
"فمن المبادئ الأساسية التي تلقن للتلاميذ المبتدئين في مقياس الفلسفة في المرحلة الثانوية هي أن: الأسئلة أهم من الأجوبة وينبغي أن يتحول كل جواب إلى سؤال جديد.
ويؤكد بومدين بلكبير أنه يهدف من خلال طرح الأسئلة في هذا الكتاب إلى "المساهمة الأولية هو فتح نقاش حقيقي حول المسائل الأساسية، لذلك جاء خط سير هذا الكتاب في اتجاه أولئك الذين يحملون همّ أسئلة التغيير والتنمية، ومن يؤمنون بالفكر النقديّ الذي لا يعترف بالأنساق الجاهزة.
يفصل الكتاب ويعدد "الكوابح السياسية والإجتماعية والثقافية والإدارية والإقتصادية" التي تقاوم التغيير وتعوق مساره وتكبح تطوره، لكن هذه الكوابح والعوائق في نفس الوقت (وفي المقابل)، وإذا اكتملت وتحققت لها بعض الشروط الموضوعية يمكن أن تتحول (بفضل التناغم والتذاؤب مع هذه الشروط) إلى دوافع ومصادر جوهرية للتغيير في حدّ ذاته.
وفي إطار تفكيك أهم العوامل الكابحة لمسار التغيير سنتوقف في هذا الكتاب مبدئيا أمام مجموعة من الفصول الأساسية، تتوزع على ثلاثة أقسام، عالجنا في القسم الأول أفكاراً أوليةً حول التغيير، كما تناولنا في القسم الثاني الكوابح السياسية والاجتماعية والثقافية، في حين خصصنا القسم الثالث للكوابح الإدارية والاقتصادية".
ويستند الباحث إلى ارث النظام الجزائري تاريخيا وقدرته إلى إعادة تكيف نفسه وفق اللحظة الراهنة وإعادة إنتاج نفسه
جاء الكتاب في عشرة فصول وعدة أقسام تناولت العلاقة بين السلطة والمثقف والتغير كما فصل الكاتب أيضا في معضلة العراقيل التي تكبح التغير في الجزائر منذ نصف قرن عن الاستقلال كما توقف الكتاب عند نقطة مهمة وهي تراجع دور المجتمع المدني مع انهيار الطبقة الوسطي وميلاد طبقة جديدة هجينة وكذا انعدم فعالية نظام الإنتخابات في إحداث التغير.
كما عدد الكتاب جملة من الأمراض الإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تجعل من التغير عملية مؤجلة في الجزائر منها" هيمنة قيم التسيب والعشوائية، سيادة النمط البيروقراطي في السلوكيات الإدارية..."

نعيمة .م

تاريخ Jan 22, 2020