الحراك الإخباري - رواية " العلبة" لرابح فيلالي... عندما يتواطئ الفساد الديني والأخلاقي والمالي
إعلان
إعلان

رواية " العلبة" لرابح فيلالي... عندما يتواطئ الفساد الديني والأخلاقي والمالي

منذ 4 سنوات|قراءة في كتاب


يقدم رابح فيلالي في روايته الأخيرة "العلبة" تجربة سردية مغايرة عن ما قدمه سابقا في "رصاصة واحدة تكفي" و"وعد الياسمين"، رغم أنه لم يغادر كثيرا لغته وطريقة السرد.
في رواية "العلبة"، يبتعد رابح فيلالي عن رواية الحب والمشاعر الإنسانية ويغرق أكثر في السياسية وحال بلاده حتى وإن لم يذكر ذلك صراحة.
تنطلق الرواية من "العلبة" أو "البار" أو أماكن السهر غير الشرعية، لكن في الحقيقة تمتد العلبة الليلة لتكون صورة لكل البلد، لأن ما يحدث داخل العلبة حكر على روادها، وممنوع لغير المرخص لهم بالدخول والانتماء إلى هذا العالم، لأن ذلك يتطلب إعدادات مالية وشرعية اجتماعية في متناول طبقة معينة، وليست في متناول عامة الناس، زيادة على امتلاك شجاعة التنازل عن الحصانة الأخلاقية، لأن ما رسم الكاتب وما يحدث في الربوة العالية هو حكر على أصحاب المعالي والحاشية، وليس من حق العامة معرفة تفاصيل حياة الربوة العليا، وليس غربيا أن تكون صلة الوصل بين العالمية مجرد "غانية"، فالبلاد في النهاية ماخور كبير تغيب فيه القيم وينتشر فيه الفساد الذي تحول إلى مؤسسة قائمة بذاتها.
ويرسم رابح فيلالي بقتامة مشاهد وفصول روايته التي تلخص خمسين سنة من حياة الجزائر السياسية، حتى وإن لم يشر إلى ذلك صراحة على اعتبار أن الحالة الجزائرية شبيهة بحالات أخرى في العالم العربي.
شخصيات الرواية بلا أسماء، فباستثناء الشيخ أو الإرهابي التائب أبو أنس الباقي كلهم بلا هويات من الحاكم إلى الغانية إلى شريكها إلى معاوني الحاكم وغيرهم فتكفي سطوتهم على رقاب الناس لتمنحهم أكثر من اسم ولقب في الرواية تقدم المرأة كسبب الغرق والبلاء وفي ذات الوقت سببا للتحرر والإنعتاق فالغانية التي فقدت عذريتها في فراش الحاكم، عندما كانت طالبة قادمة من القرية البعيدة لم يكن لها من خيار غير الخضوع لإرادة الطاغية المتجبر الذي اتخذها أداة لتنفيذ خططه وإحكام السيطرة على البلاد، لكنها في النهاية ستكون سبب نهايته وموته عندما تقرر الهرب وطلب اللجوء إلى خارج البلاد، هروبا من سطوته بعد أن قرر قتل جنينها الذي اعتقد أنه من صلبه، وينهار عندما يكتشف أنها خانته مع رجل أحبته، ولم يكن غير الشيخ التائب تاجر الملابس الداخلية للنساء، وهنا يكشف الكاتب كيف تواطأ الفساد الديني والأخلاقي والمالي ليصنع كوارث مجتمعات تحررت من الإستعمار لتغرق في الفساد.

نعيمة .م

تاريخ Jan 6, 2020