الحراك الإخباري - تعقيدات الحياة غيرت نظرة المجتمع إليها...عاملة النظافة لم تعد مهنة ملعونة
إعلان
إعلان

تعقيدات الحياة غيرت نظرة المجتمع إليها...عاملة النظافة لم تعد مهنة ملعونة

منذ 4 سنوات|روبرتاج


إلى وقت قريب كانت مهنة عاملات النظافة تدخل في نطاق العيب والمهنة المنحطة التي تحيطها صاحبتها بالكثير من السرية في حال اضطرتها الظروف ومصاعب الحياة إلى اللجوء لامتهانها، في إحدى البيوت أوالمصالح الإدارية، وهي مهنة كانت مقرونة إلى وقت قريب أيضا بالنساء الكبيرات في السن، وهن عادة الأرامل أوالمطلقات اللواتي لا يملكن أي مؤهلات، واضطرتهن ظروف الحياة إلى امتهان هذه الحرفة لكسب رزقهن وإعالة أولادهن..
في بدايات الاستقلال اضطرت الكثير من الجزائريات إلى الاشتغال كعاملات نظافة من أجل ضمان لقمة العيش وإعالة أبنائهن، والكثير من أبناء الشهداء الذين صاروا في السنوات الأولى من الاستقلال إطارات وكفاءات مهنية هم مدينون لأمهاتهم اللواتي لم يجدن غير مهنة “فام دوميناج” من أجل تربيتهم
كانت هذه المهنة في السابق طابو كبيرو قرينة ب"الميزيرية" والفاقة والحاجة والظروف القاهرة. و تعتبر عيب و التي تزاولها تكون في الدرك الاجتماعي الأسفل و تكون في الغالب أمية أو ذات مستوى محدود أو لا سند اجتماعي لها
اليوم مع تعقيدات الحياة تغيرت الامور ولم يعد من الغريب في شيء أن نصادف جامعيات وشابات لا ينقصهن شيء من الجمال والمستوى الاجتماعي والعلمي يشتغلن كعاملات نظافة في مؤسسات، حيث صارت هناك شؤكات خاصة دورها تشغيل الجامعيات في أعمال التنظيف في المؤسسات. وتشترط هذه الشركات أن تكون المتقدمة إلى المهنة صاحبة مستوى وخبرة في المجال، ولم تعد اليوم الفتيات يتحرجن من الإشتغال في هذه المهنة، أو يخفين الأمر، بل صار لصاحبات هذه المهنة نفوذ في بعض المؤسسات الكبيرة، حيث يمكن أن يكن “مصادر خبر واطلاع” أو صاحبات حظوة يقضين حوائج الناس أكثر مما قد يقضيها المدير، أو المسؤول الكبير في المؤسسة، وهذا لسهولة تنقلهن داخل مكاتب ومصالح المؤسسات، فلا أحد يمكنه أن يشك في أن عاملة النظافة التي تحضر صباحا لتهيئة المكاتب يمكنها أن تسترق السمع أو تهتم بأخبار المؤسسة وتسربها لمن يهمهم الأمر، فضلا عن ذلك فإن الكثير من الشابات اليوم يشتغلن في أكثر من مؤسسة طبقا لنظام الساعات، وبالتالي يمكن لهذه المهنة أن تدر عليهن مداخيل أكثر مما تدر على إطار في نفس المؤسسة التي تشتغل بها.
يربط البعض بين تغير نظرة المجتمع إلى مهنة “عاملة النظافة” بتغير الظروف الإقتصادية والإجتماعية للجزائريين، حيث صار اليوم الوضع الإقتصادي يجبر الكثير من الأسر والعائلات على إعادة النظر في بعض أحكامها بخصوص بعض المهن، كما يجبر البعض أيضا على إعادة تقييم طريقة تعاملهم مع البنات، فالمرأة اليوم صارت تقريبا مجبرة على كسب رزقها مثل الرجل، لأن الوضع الإقتصادي لم يعد يسمح للأب أو الأخ أو حتى الزوج بالتكفل بمصاريف البنات لوحده، وكذا تغير بنية الأسر والعائلات الجزائرية، وزوال مفهوم وتصور الأسر الكبيرة مقابل زيادة انتشار مفهموهم للفردانية الذي أفرز طريقة جديدة في إدارة الحياة والتفكير، فضلا عن تطور وارتفاع المستوى الثقافي للمرأة، الأمر الذي يجعلها قادرة على الدفاع عن حظوظها وحقوقها في المؤسسة، التي تعمل فيها.
فقد صارت هذه المهنة مثلها مثل أي مهنة أخرى، تفرضها تعقيدات الحياة وإيقاعها السريع، فلا يمكن مثلا تصور أي مؤسسة بدون أعوان أو عونات النظافة، ففي النهاية ما يهم المتقدمين إليها هو الأجر الذي يحصلون عليه مقابل الخدمة التي يقدمونها، ولا تختلف المرأة عن الرجل في ذلك، كما أن تعقيدات الحياة وطريقة عمل المؤسسات تفرض نوعا من الخدمة تختلف عما كان يقدم في البيوت أو حتى في بعض الإدارات البسيطة، فعاملة النظافة في فندق أو مؤسسة كبيرة أو حتى شركات السيارات تفرض على من تتقدم لهذه المهنة، أن يكون لديها مستوى ثقافي معين وحتى هيئة معينة لا تجعل صورتها تبدو نشازا في مكان عملها وتليق بالمؤسسة التي تعمل بها.

نعيمة .م

تاريخ Dec 15, 2019