الحراك الإخباري - الشارع يصنع الثورة ولكنه لا يمارس السياسة الحراك الشعبي في رحلة البحث عن الوقود من أجل البقاء
إعلان
إعلان

الشارع يصنع الثورة ولكنه لا يمارس السياسة الحراك الشعبي في رحلة البحث عن الوقود من أجل البقاء

منذ 4 سنوات|رأي من الحراك

استطاع الحراك الشعبي منذ تاريخ 22 فبراير الفارط أن يغير مصير أمة بأكملها، لقد وقف في وجه عصابة تجذرت على مدار عقدين من الزمن وعاثت في الأرض فسادا، أبطل العهدة الخامسة وكان وراء سقوط رؤوس الفساد الواحد تلو الآخر ولكنه لم يتمكن من تقديم مرشح للرئاسيات ولا ممثلين عنه لقيادة الجزائر أو الجلوس على طاولة الحوار مع أي طرف كان.

تساؤلات كثيرة طرحها الملايين الذين خرجوا وجابوا الشوارع والمدن وكلهم إيمان بصدق ما حملوه من نضال ومحبة للوطن الأم، لماذا لم يفرز الحراك قيادة أو زعماء، ربما الإجابة وعلى قدر ما تكون مبهمة إلا أنها بسيطة، فالشارع يصنع الثورة ولكنه لا يمارس السياسة...هكذا كان مآل آلاف الثورات عبر العالم والتاريخ خير شاهد على ما حدث وليست الثورة الفرنسية إلا واحدة من تلك الأمثلة، كيف غيرت هذه الثورة مجرى التاريخ ولكن من قاد فرنسا بعدها لم يكن أبدا أولئك الذين حملوا الفؤوس وأسقطوا الملكية.
كذلك هو الحال بالنسبة لعديد البلدان، والجزائر بدورها لا تصنع الاستثناء، الرئيس المخلوع قضى على كل مقومات الحوار وعلى مؤسسات الدولة ولم يترك إلا بوتفليقة والشارع وبالفعل خرج الشارع ليطالب برحيله وكان له ذلك، الحراك تواصل لمدة شهور وفي كل مرة كان يحقق مكاسبا وانتصارات جديدة وبالمقابل كان عرضة للاختراق والمساومات، أعداء الجزائر من الداخل والخارج هم كثر والمتربصون بها ينتظرون الهفوة الأولى ليجهزوا عليها.
أمام هذه التطورات حضر الوعي الشعبي ورافقته المؤسسة العسكرية التي ساهمت في تأطير الحراك وحمايته ولو نسبيا من الاختراق وكذا الاستجابة لمطالبه ولكن هذا بقي غير كاف. وظهر مؤخرا عناصر من الحراك ممن نصبوا أنفسهم ممثلين له، يخوّنون من يريدون، ليفرضوا دكتاتورية الحراك الشعبي، ليس إلا لتشويه هذا المسعى النبيل، فباتوا يمنعون الناس من التصويت، ممارسة أقل ما قد توصف به أنها غير عادلة ولا تمت بأي صلة للعمل الديمقراطي.
كيف يمكن لحراك طاهر بأبناء بررة أن يمارس دكتاتورية، كان قد حاربها بالأمس القريب وانتصر عليها، إن الحراك الشعبي الحقيقي هو مسعى نبيل ويجب حمايته، أما عن كيفية تواصله فيجب أن تكون بالطريقة الأذكى التي تسمح له بالاستمرار في ثورته المخملية التي أدبت العالم وجعلته يصفق على سلمية الجزائريين وتحضرهم...من أجل ذلك كان من الصعب أن يمارس الشارع السياسة، لأنه وعبر التاريخ وفي كل بقاع العالم، تميز العمل السياسي بأعراف وتقاليد تفرضها ممارسة سياسية ونضال مستمر تؤطره أحزاب سياسية، حركات جمعوية وجماعات ضاغطة، مسار طبيعي يمر عبر الترشيحات والانتخاب الذي هو في عمقه يعبر عن روح الديمقراطية الحقيقية، كونه وسيلة لنقل صوت الشعب وضمان خياراته كأغلبية مع احترام آراء الأقلية مهما كانت.
رئيس الجمهورية الجديد التزم بفتح قنوات الحوار مع الحراك الشعبي ومع كل أطياف المعارضة والطبقة السياسية ككل، هي بادرة خير تفرض على كل من يؤمنون بضرورة بناء الدولة الجزائرية المعاصرة الجلوس إلى طاولة النقاش من أجل المساهمة في رسم معالم الدولة الجزائرية الحديثة، على الحراك أن يتواصل بكل سلمية ويحافظ على عقيدته الوطنية دون أن يسعى البعض من المنتسبين له خلق أعداء وهميين للاستمرار، سيكون على الحراك أن يقدم ممثلين للتفاوض من أجل الجزائر ومن أجل بناء دولة الحق والقانون، هذه هي قضيته الحقيقية ووقوده الأبدي.

حيدر شريف

تاريخ Dec 18, 2019